وقفة قبل رمضان

السبت، 7 أغسطس 2010

قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } البقرة 183

أيها الغافل عن الثواب الكثير والساهي عن الملك الكبير واللاهي عن لباس السندس والحرير المتقاعد عن اليوم العبوس القمطرير النائم عما أتي به محمد البشير النذير الذي أنقذنا الله به من جهنم وحر السعيرا
ياغافل يا ساهي أتاك شهر رمضان المتضمن للرحمة والغفران وأنت مصر على الذنوب والعصيان مقيم على الآثام والعداون متمادي في الجهالة والطغيان متكل م بالغيبة والبهتان متعرض لسخط الرحمن قد تمكن من قلبك الشيطان فألقي فيه الغفلة والنسيان فأنساك نعيم الخلد والجنان فظللت تعمل أعمال أهل النيران فإن كنت يا مسكين كذلك فكيف ترجو الفوز بالرضوان والحلول في دار الخلد والأمان والخلاص من دار العقوبة والهوان
وأنت مطعمك حرام ولباسك حرام ولسانك لا يفتر عن قبيح الكلام وبصرك حديد إلى ما حرم من الحرام عليك ذو الجلال والإكرام ويدك ممدودة إلى ما نهاك عنه الملك العلام وقدمك تسعى إلى ما هو إثم وحرام وأنت في جميع أمورك وأفعالك مخالف للقرآن والأحكام تارك لسنة محمد عليه الصلاة والسلام
فجسمك من الجوع متعوب من الفجر إلى الغروب ويلحقك النصب واللغوب وصومك عن مولاك بالطرد محجوب وأخاف أن تكون في النار على وجهك مكبوب لمخالفتك لعلام الغيوب فخمص ويحك بطنك عن أكل الربا والحرام وأحبس لسانك عن الوقوع في جماعة الإسلام وغض طرفك عما هو عليك أعظم من أعظم الآثام وهو النظر إلى ما لا يحل لك من حرم الأنام وامتثل ما أمرك به أحكم الحكام وقم بين يديه في الليل البهيم إذا هجع النوام وتضرع إليه إذا أدهم الليل بداجي الظلام
وحينئذ يصح لك القبول لشهر رمضان وتفوز بالنعيم الأبدي في دار السلام وتنجو من الأهوال والعذاب الغرام
فليكن ويحك بصرك من النظر إلى المحارم معدولا وسمعك عن سماع القبيح من القول معزولا وبطنك من أكل الحرام محمولا وقلبك بالفكرة في الحسنات والمعاد مشغولا وذكر مولاك وسيدك في لسانك مجعولا ومالك في طاعة العزيز الجبار مبذولا { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا } الإسراء 36 وقد أعلمك مولاك أن الشيطان كان للإنسان خذولا فلم خنت عهد مولاك وأمانته وكنت لنفسك ظلوما جهولا
وأنشدوا



قل لأهل الذنـوب والآثـامقابلوا بالمتاب شهر الصيـام
إنه في الشهور شهر جليـلواجب حقه وكيـد الزمـام
واقلوا الكـلام فيـه نهـاراواقطعوا ليله بطـول القيـام
واطلبوا العفو من إله عظيـمليس يخفى عليه فعل الأنـام
كم له فيه من إزاحـة ذنـبوخطايا من الذنوب عظـام
كم له فيه من أيـاد حسـانعند عبد يراه تحت الظـلام
كم له فيه من عتيـق شهيـدآمن في القيام خزي المقـام
إن دعاه مذلـل بخضـوعوخشوع ودمعـه ذو سجـام
أين من يحذر العذاب ويخشىأن يصلي الجحيم مأوى اللئام
أين من يشتهي التذاذا بحورفي جنان الخلود بين الخيـام
التمس فيه ليلة القدر واتركالتماسا لهـا لذيـذ المنـام
واجتهد في عبادة الله واسألفضله عنـد غفلـة النـوام
يا لها خيبة لمن خاب فيـهعن بلوغ المنى بدار السلام
يا لها حسرة لمن كان فيـهساترا شره بثـوب الظـلام
يا إله الجميع أنـت بحالـيعالم فاهدني سبيـل القـوام
وأمتني على اعتقاد جميـلواتبـاع لملـة الإســلام

بستان الواعظين ورياض السامعين
المؤلف / جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن البغدادي المعروف بابن الجوزى
تقييم الكتاب: 4/5

0 commentaires: