الثلاثاء، 12 أبريل 2011

أيها الرفيق ! ها هي ذي الساعة التي يتسلل فيها شعاع الفجر الباهت بين نجوم الشرق !
كل ما هو مقبل علي الصحو ، قد بدأ ينتفض ويرتعش داخل خمول الكري وأطماره ........
قريباً ويشرق الكوكب المثالي علي كدحك الذي بدأ في السهل ، حيث لا تزال المدينة التي هجعت بالأمس .... نائمة !
ستحمل الأشعة الأولي للنهار الجديد ، بعيداً جداً .... أبعد من خطاك ..... ظل عملك المقدس في السهل الذي تبذر .... وسيحمل النسيم الذي يهب الآن ، البذار الذي يذرة يمينك أبعد من ظللك ....
أبذر يا أخي الزارع ! في الأخدود الذي يمتد بعيداً ... من أجل جيل قادم ....
ستحمل اشعاعات الصباح الجديد , ظل جهدك المبارك,في السهل الذي تبذر فيه بعيداً عن خطواتك...
سيحمل النسيم الذي يمر الآن البذور التي نثرتها يداك ... بعيداً عن ظلك...
ابذر يا أخي الزارع ..من أجل أن تذهب بذورك بعيداً عن حقلك , في الخطوط التي تتناءى عنك في عمق المستقبل...
ها هي بعض الاصوات تهتف , الأصوات التي أيقظتها خطواتك في المدينة,وأنت منقلب إلى كفاحك الصباحي... وهؤلاء الذين استيقظوا بدورهم , سيلتئم شملهم معك بعد حين...

غنّ ! يا أخي الزارع لكي تهدي بصوتك هذه الخطوات التي جاءت في عتمة الفجر , نحو الخط الذي يأتي من بعيد...
وليدوّ غناؤك البهيج , كما دوّى من قبل غناء الأنبياء , في فجر آخر , في الساعات التي ولدت بها الحضارات ...
وليملأ غناؤك الدنيا , أعنف وأقوى من هذه الجوقات الصاخبة التي قامت هناك ...
ها هم قد أشعلوا المصابيح الكاذبة لكي يحجبوا ضوء النهار , ولكي يطمسوا بالظلام شبحك, في السهل الذي أنت ذاهب إليه
ولكن شمس المثالية ستتابع سيرها دون تراجع , وستعلن قريباً انتصار الفكرة !
مالك إبن نبي القضايا الكبرى

حقيقة علم التوحيد

الأحد، 10 أبريل 2011

التوحيد، وقد جعل الآن عبارة عن صناعة الكلام ومعرفة طريق المجادلة والإحاطة بطرق مناقضات الخصوم والقدرة على التشدق فيها بتكثير الأسئلة وإثارة الشبهات وتأليف الإلزامات حتى لقب طوائف منهم أنفسهم بأهل العدل والتوحيد وسمى المتكلمون العلماء بالتوحيد مع أن جميع ما هو خاصة هذه الصناعة لم يكن يعرف منها شيء في العصر الأول بل كان يشتد منهم النكير على من كان يفتح بابا من الجدل والمماراة فأما ما يشتمل عليه القرآن من الأدلة الظاهرة التي تسبق الأذهان إلى قبولها في أول السماع فلقد كان ذلك معلوما للكل وكان العلم بالقرآن هو العلم كله وكان التوحيد عندهم عبارة عن أمر آخر لا يفهمه أكثر المتكلمين وإن فهموه لم يتصفوا به وهو أن يرى الأمور كلها من الله عز وجل رؤية تقطع التفاته عن الأسباب والوسائط فلا يرى الخير والشر كله إلا منه جل جلاله فهذا مقام شريف إحدى ثمراته التوكل كما سيأتي بيانه في كتاب التوكل ومن ثمراته أيضا ترك شكاية الخلق وترك الغضب عليهم والرضا والتسليم لحكم الله تعالى وكانت إحدى ثمراته قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما قيل له في مرضه أنطلب لك طبيبا فقال الطبيب أمرضني وقول آخر لما مرض فقيل له ماذا قال لك الطبيب في مرضك فقال قال لي إني فعال لما أريد وسيأتي في كتاب التوكل وكتاب التوحيد شواهد ذلك.

والتوحيد جوهر نفيس وله قشران: أحدهما أبعد عن اللب من الآخر، فخصص الناس الاسم بالقشر وبصنعة الحراسة للقشر وأهملوا اللب بالكلية.

فالقشر الأول: هو أن تقول بلسانك لا إله إلا الله وهذا يسمى توحيدا مناقضا للتثليث الذي صرح به النصارى ولكنه قد يصدر من المنافق الذي يخالف سره جهره.

والقشر الثاني: أن لا يكون في القلب مخالفة وإنكار لمفهوم هذا القول بل يشتمل ظاهر القلب على اعتقاده وكذلك التصديق به وهو توحيد عوام الخلق والمتكلمون كما سبق حراس هذا القشر عن تشويش المبتدعة.

والثالث: وهو اللباب أن يرى الأمور كلها من الله تعالى رؤية تقطع التفاته عن الوسائط وأن يعبده عبادة يفرده بها فلا يعبد غيره ويخرج عن هذا التوحيد أتباع الهوى فكل متبع هواه فقد اتخذ هواه معبوده قال الله تعالى: ]أفرأيت من اتخذ إلهه هواه[ (الجاثية: 23). وقال صلى الله عليه وسلم: (أبغض إله عبد في الأرض عند الله تعالى هو الهوى)[92].

وعلى التحقيق من تأمل عرف أن عابد الصنم ليس يعبد الصنم وإنما يعبد هواه إذ نفسه مائلة إلى دين آبائه فيتبع ذلك الميل وميل النفس إلى المألوفات أحد المعاني التي يعبر عنها بالهوى ويخرج من هذا التوحيد التسخط على الخلق والالتفات إليهم فإن من يرى الكل من الله عز وجل كيف يتسخط على غيره فلقد كان التوحيد عبارة عن هذا المقام وهو مقام الصديقين فانظر إلى ماذا حول وبأي قشر قنع منه وكيف اتخذوا هذا معتصما في التمدح والتفاخر بما اسمه محمود مع الإفلاس عن المعنى الذي يستحق الحمد الحقيقي وذلك كإفلاس من يصبح بكرة ويتوجه إلى القبلة ويقول: ]وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا[ (الأنعام: 79). وهو أول كذب يفاتح الله به كل يوم إن لم يكن وجه قلبه متوجها إلى الله تعالى على الخصوص فإنه إن أراد بالوجه وجه الظاهر فما وجهه إلا إلى الكعبة وما صرفه إلا عن سائر الجهات والكعبة ليست جهة للذي فطر السموات والأرض حتى يكون المتوجه إليها متوجها إليه تعالى عن أن تحده الجهات والأقطار وإن أراد به وجه القلب وهو المطلوب المتعبد به فكيف يصدق في قوله وقلبه متردد في أوطاره وحاجاته الدنيوية ومتصرف في طلب الحيل في جمع الأموال والجاه واستكثار الأسباب ومتوجه بالكلية إليها فمتى وجه وجهه للذي فطر السموات والأرض وهذه الكلمة خبر عن حقيقة التوحيد فالموحد هو الذي لا يرى إلا الواحد ولا يوجه وجهه إلا إليه وهو امتثال قوله تعالى: ]قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون[ (الأنعام: 91) وليس المراد به القول باللسان فإنما اللسان ترجمان يصدق مرة ويكذب أخرى وإنما موقع نظر الله تعالى المترجم عنه هو القلب وهو معدن التوحيد ومنبعه.


كتاب إحياء علوم الدين حجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي

قصيدة "تونس" للرائع تميم البرغوثي

الاثنين، 31 يناير 2011


عِزٌّ لأمِّ مُحَمَّدٍ وَفَتَاها

عزٌّ لتُونِسَ أرْضِها وَسَماها

عِزٌّ لِكُلِّ أُخَيَّةٍ تَبْكِى عَلَيْهِ

بِخَيْرِ مَا تَبْكِى الكِرَامُ أَخَاها

تَبْكِيهِ بالجَمْعِ المُلِحِّ وُجُوهُهُ

بَاتَتْ لِوَجْهِ مُحَمَّدٍ أَشْبَاها

وَجْهٌ يُلِحُّ مُكَرَّراً وَمُكَرَّرَاً

حتى يُطَبِّقَ مُدْنَها وَقُرَاها

وَجْهٌ يُلِحُّ تَعَدَّدَتْ أَسمَاؤُه

أَفْدِى أَسَامِيَهُم وَمَنْ سَمَّاها

وَجْهُ المُقَيَّدِ فى السَّرِيرِ مُلَثَّماً

هَدَمَ المَمَالِكَ غَائِباً وَبَنَاها

أنتَ الشهيدُ وَأَنْفُ غَيْرِكَ رَاغِمٌ

وَجَدَ المَنِيَّةَ مُهْرَةً فَعَلاها

وَرَدَدْتَ صَفْعَتَهُم بأُخْرَى أَصبحَتْ

تَجْتَاحُ أقصاها إلى أقصاها

وَفَّى مُحَمَّدٌ بْنُ مَنُّوبِيَّةٍ

بِدُيُونِ قَوْم قَلَّ مَنْ وَفَّاها

وَفّى مُحَمَّدٌ بْنُ مَنُّوبِيَّةٍ

سَلِمَتْ يَدَاهُ سَيِّداً وَيَدَاها

سَلِمَتْ يَدَاهُ سَيِّداً لِمَصِيرِهِ

لَمْ يَرْضَ للنَفْسِ النَّوَارِ أَذَاها

حَيِّ الشَّهِيدَ وَأُمَّهُ وَبِلادَهُ

فَبِهِمْ يَبِينُ ضَلالُها وَهُدَاها

حَيِّ الذينَ غَدَتْ خُطاهُم سُنَّةً

للعالمينَ فَطَابَ مَن أَحياها

حَيِّ الجُمُوعَ أَتَتْ لِتَلْقَى مَوتَها

يومَ االقِتَالِ فَخَافَ أن يَلقاها

حَيِّ الأَكُفَّ العالياتِ كأَنَّها

عَمَدُ السماءِ تَمَايَلَتْ لَوْلاها

حَيِّ الأَكُفِّ أَتَتْ بِكُلِّ غَرِيبَةٍ

كالأنْبِياءِ إذا شَفَتْ مَرْضَاها

فالشَّمْسُ تَمْكُثُ فَوْقَها لِتُحِسَّها

والرِّيحُ تُبْطِئُ بَيْنَها لِتَرَاها

قَدْ أَمْسَكَتْ بِزمَانِها مِنْ عُنْقِهِ

لَمْ تُخْلِهِ إِلا وَقَدْ أَرْضَاها

أَيْدِى الذينَ إذا المُلوكُ تَجَبَّرُوا

كانوا لِتُونِسَ أُمَّها وَأَبَاها

إنَّ الدِّماءَ وَوَسْطَهَا شُهَدَاؤُهم

عَلَمُ البِلادِ هِلالُه قَتْلاها

ذَكَّرْتُمو جِيلاً تَجُورُ وُلاتُه

أنْ لم يُبَايِع وَالِياً أو شَاها

مَنْ مِنْكُمو اختارَ الوُلاةَ بِبَيْعَةٍ

مَن جاءَ يَطْلُبُها ومن أَعطَاها

مَنْ يَذْكُرُ اليومَ الذى أَمْسَى بِهِ

عَبْدَاً وَصَارُ العَبْدُ فيه إِلها

يا أَهْلَ تُونِسَ إنَّ أَيْدِيَنا لَهَا خَمْسَاً

كَأَيْدِيكُم تَذَكَّرْنَاها

يا أهلَ تُونِسَ والعُرُوشُ قَريبَةٌ

لم تَعْلُ إلا حينَ أَعْلَيْناها

يا أهلَ تُونِسَ لا كِفَاءَ لِجُودِكُم

جَلَّتْ هَدِيَّتُكُمْ وَمَنْ أَهْدَاها

يا أَهْلَ تُونِسَ إنَّها الأُولَى

وَكَمْ تَرنُو أواخِرُها إلى أُولاها

يا حاكمينَ نَصِيحَةً أن تَرْهَبُوا

إن النفوسَ رَهِينَةٌ بِرَدَاها

والحارسُ السَّاهِى على أبْوابِكُم

لو طالَ أَرْؤُسَكُم لَمَا أبقاها

والخادمُ المَحْنِيُّ فى رَدَهَاتِكُم

أعلى يَدَاً منكم وَأَوْسَعُ جَاها

فلتذكروا أَنَّا نَبِيتُ بِقُرْبِكُم

فى لَيْلَةٍ نِمْتُم وَمَا نِمْنَاها

أَوَلَمْ تَرَوا ما كانَ من أَسْلافِكُم

فى أَيِّ أَرْضِ فِرَنْجَةٍ مَثْواها

فاروقُ أو عَبدُ الإلهِ وَصَحْبُه

وَجُيُوشُ غَزْوٍ نَحنُ أَجْلَيْناها

قُلنا لهم شِعْرَاً كما قُلْنَا لكم هَذِى

القَصَائَدَ نَفْسَها قُلنَاها

إذْ لا جَدِيدَ هُنا سِوَى نِسيانِكم

وقعاتنا الأُولى فَكَرَّرْنَاها

فَتَذَكَّرُوا لِتُخَلِّصُوا أَشْعَارَنا

مِنْكُم وَنَكْتُبَها كَمَا نَهْوَاها

وَلْتَسْمَعُونا فَالمُوَفَّقُ بَيْنكم

مَن كانَ يَسْمَعُ حِكْمَةً فَوَعَاها

سَئِمَتْ بِلادُ المسلمينَ طُغَاتَها

فَجِدُوا بلاداً للطغاةِ سِوَاها