المبادئ الخمسة التي تشكل لب التوحيد :
أ- الثنائية : بالكون نوعان متمايزان : إله ، ولا إله . خالق ومخلوقات . أما نظام الإله فهو قاصر على الله سبحانه وتعالى وحده . فهو وحده الرب السرمدى ، الذى لا بداية له ولا نهاية . وهو الخالق ، المتعالى ، المتفرد على الدوام ، بلا شبيه ولا شريك.
وأما النظام الآخر ، فيتعلق
بالمكان والزمان والخبرة والخليقة ، ويشمل كل المخلوقات وعالم الأشياء
والنباتات والحيوانات والبشر والجن والملائكة والسموات والأرض والجنة
والنار ، وكل ما يتعلق بهم منذ أن جاءوا إلى هذه الحياة وحتى نهايتها .
ب- التصورية :العلاقة بين نظامى الخالق والمخلوق فكرية تصورية فى طبيعتها ، وركيزة مرجعيتها فى الإنسان هى ملكة الفهم
. ويشمل الفهم بوصفه أداة للمعرفة ، ومستودعا لها: كافة الوظائف المعرفية
كالذاكرة والتخيل والتفكير والملاحظة والحدس والإدراك ، وما شاكل ذلك . وكل
البشر فطروا على الفهم بدرجة تكفى لمعرفة المشيئة الإلهية بواحدة من
طريقتين أو بكلتاهما: الوحى المنزل من عند الله تعالى ، واستنباط تلك الإرادة من ملاحظة السنن الإلهية المبثوثة فى الكون التى لاتتبدل ولا تتغير .
ج- الغائية : طبيعة الكون غائية ، بمعنى أن له غاية خلقه خالقه من أجلها . وهو يؤدى غايته تلك فى الحدود المرسومة له . فالكون لم يخلق عبثا ولا على سبيل اللعب .
د- القدرة الإنسانية وقابلية الطبيعة للتطويع :
فإن سنن الله تعالى فى الخلق ، ومنطق الخلق ، يقتضى إمكانية
تحقيق غايته فى الزمان والمكان فى هذه الحياة الدنيا ، فيما بين الخلق
واليوم الآخر . ولابد أن يكون الإنسان بوصفه فاعل الفعل الأخلاقى قادرا على
تغيير ما بنفسه ، وعلى تغيير رفاقه ومجتمعه ، وعلى تغيير بيئته الطبيعية ، وأن تكون النفس والرفاق والمجتمع والطبيعة بالمقابل ، قابلين للتغيير بتلقى الفعل الإنسانى المؤثر.
هـ - المسؤولية والمحاسبة : الإنسان حر مسؤول . فالإلتزام الأخلاقى مستحيل دون المسؤولية عنه والحساب عليه.ومبدأ محاسبة الله تعالى للبشرية جمعاء يوم القيامة مبدأ قرأنى كلى مطلق ، يمكن
القول ، بأنه يمثل الأساس الذى يقوم عليه النظام الأخلاقى / الدينى
الإسلامى برمته . وليس المهم أن تتم تلك المحاسبة فى هذه الحياة الدنيا
مواكبة للفعل الإنسانى فى مكانه وزمانه ، أو فى الآخرة ، أو فى الدنيا
والآخرة معا . المهم هو أنه لا مفر من الحساب ،
وأن القاعدة أن طاعة الله تعالى بمعرفة أوامره وتجسيد نموذجه فى أرض
الواقع ، هو سبيل الفلاح والسعادة واليسر . وفى المقابل، فإن معصية الله
تعالى تفضى بصاحبها إلى البوار والضنك وسوء المنقلب
المصدر : كتاب التوحيـد مضامينه على الفكر والحياة
اسماعيل راجى الفاروقى